الذاكرة في السّرد
ازمنة الحروب والمنافي والكراهية
د. حياة محتار أم السعد
الباحثة الدكتورة حياة مختار أم السعد تتساءل عن مدى وعي الكتاب العرب بأن عمل الذاكرة في الأغلب غير واع.
أسئلة عميقة تستجدي الإجابة عن سؤال ملح هو لماذا نكتب؟
الجزائر – يضع كتاب « الذاكرة في السرد » للباحثة الجزائرية حياة مختار أم السعد، بين يدي القارئ مجموعة من الأفكار تحاول الإجابة عن سؤال ملح هو لماذا نكتب؟ وما حاجتنا اليوم للكتابة في عالم ازداد انفتاحه، وكثرت أزماته وتشنجاته، حتى بات الفرد فيه لصيقا بمشاكله أكثر من أن يمسك كتابا، وكأن الزمن يهرول من بين أيدينا ولا نستطيع الإمساك به؛ لأننا ضعنا وسط شبكات من العلاقات الافتراضية التي تخرب عوالمنا الداخلية، وتزيدنا ابتعادا عن كينونتنا وما حلمنا يوما بتحقيقه.
ويؤكد الناشر في تقديم هذه الدراسة على أن الأقلام العربية التي وعت أهمية الذاكرة، قبل أن يكتب الآخر عنها، كثيرة؛ لأن بعض هؤلاء الكتاب اشتغلوا على الذاكرة من منطلق التشوهات الداخلية والانسلاخات الهوياتية التي تؤرقهم.
كما يطرح الكتاب، الصادر عن دار ميم للنشر بالجزائر، جملة من الأسئلة المرتبطة بسؤال الغاية من الكتابة، لعل أهمها كيف يكتب السرد العربي المعاصر هذه الذاكرة، ولماذا يعيدها إلينا؟ وهل يسترجعها كما هي أو يحمّلها أبعادا أيديولوجية وثقافية واجتماعية وسياسية تمليها عليه قناعاته وولاءاته الرمزية؟
من جهة أخرى، تتساءل المؤلفة عن مدى وعي الكتاب العرب بأن عمل الذاكرة في الأغلب غير واع؛ لأنها تتعرض أكثر من غيرها لخطر الخضوع لتلاعبات الزمن والمجتمعات، ولهذا سخر فلاسفة غربيون بارزون أقلامهم للكتابة عن الذاكرة وأزماتها بحثا عن تحريرها من هيمنة المؤسسات الشمولية التي خندقت الذاكرة في مسائل تخدم المركزيات الغربية، وكان الغرض من الكتابة عن الذاكرة مرتبطا فقط باسترجاع الماضي لأغراض تعليمية أو تربوية أو اعتبارية، وارتبط أيضا بغرض تفتيق الذاكرة وتحريرها من الكتابات الشمولية التي تحكمت فيها طويلا، وهيمنت على سرديتها.
يشار إلى أن الأكاديمية حياة مختار أم السعد، مؤلفة الكتاب، حاصلة على شهادة دكتوراه في قضايا الأدب ومناهج الدراسات النقدية والمقارنة، وتشتغل حاليا أستاذة بجامعة الجزائر، ولها العديد من المؤلفات، أهمها « تداولية الخطاب الروائي » (2015)، و »النقد والخطاب » (2016).